طبيبك الداخلي
كآلية
للشفاء الذاتي
مقدمة : يمكن للأفكار والمشاعر الباطنية أن تتصرف كدواء فعال وناجع على جسد الانسان ونفسيته ،فكيف يمكن استخدام هاته الالية العظيمة من اجل ان نعالج امراضنا ،واسقامنا العضوية والنفسية؟ ذلك ما سوف نتقاسمه في هذا المقال المثمر بحول الله وقوته.
الجسد والعقل والاتصال الدائم بينهما :
أظهرت العديد من التجارب من طرف المختصين في هذا المجال مدى تداخل العقل والجسد بشكل وطيد، حيث اكتشفوا ان مختلف ردود الفعل التي يقوم بها الانسان، لها تاثير عميق بالوعي والشعور، مما قد يؤثر على الصحة العامة سواء سلبا او ايجابا، ومن هذا المنطلق يمكن لنا ان نستعمل هاته المعرفة من اجل شفاء اجسادنا.
الشفاء الذاتي كسيرورة بيولوجية :
عندما نتحدث عن الشفاء الذاتي ، يظن الكثير على انه شيء خارق او غير متاح او انه شيء مشكوك فيه، لكن يجب ان نعلم ان الشفاء الذاتي هو مبدأ وسيرورة بيولوجية ، حيث ينشغل جسمنا بالحفاظ على جميع العمليات التي تجري فيه في توازن ديناميكي، تنقلب الأنظمة الهرمونية لأعلى ولأسفل ، وتموت الخلايا ويعاد بناؤها ، والجهاز المناعي في معركة دفاعية مستمرة.
كل عملية شفاء ذاتي ، سواء تعلق الامر بصداع خفيف في الرأس، او تعلق الامر بسرطان جد متقدم، فان الطبيب يكون كداعم فقط، اما العملية في حد ذاتها تعمتد بشكل كلي على آليات التنظيم الذاتي، انا لا اقول لك لا تذهب الى الطبيب، ولكن هدفي الاول هو ان تكون على وعي بمدى اهمية الشفاء الذاتي، الذي تكون له الكلمة الاخيرة في كثير من الاحيان، عندما يعجز الطب عن ايجاد طريق للشفاء، حينها تتحرك فيك نزعة الحياة بقوة، وهنا تكون المعجزة، ويحصل الشفاء.
الشفاء الذاتي، جزء من الروتين اليومي الذي تقوم به اجسادنا، وحتى يعمل جيدا وبطريقة سليمة، عليك ايقاظ الطبيب الداخلي من خلال الثقة في وجوده اولا، وثانيا من خلال اعطائه الفرصة ليعمل وحده، فكثير من الناس فقدوا طبيبهم الداخلي بين الاجهاد اليومي وبين الادوية الكيماوية والاجهزة الطبية
الشفاء الذاتي ليس له نهاية، دوما موجود الى اخر رمق في حياتك، حتى إذا كنت مريضًا خطيرا او مزمنا، او ميؤوس نن شفائه في الطب الكيماوي، لا يزال بإمكان المرء ممارسة التأثير الإيجابي على نفسه حتى عندما لم يعد الشفاء هو الهدف.
الاجهاد والتوتر هما سبب كل المعاناة :
الاجهاد والتوتر هما أحد أكبر خصوم الشفاء الذاتي، ويعتبر رد فعل الإجهاد أمر حيوي للبقاء على قيد الحياة، إنه ينشط قوتنا ويقودها ويركزها.
اذا لم ننهج تنظيم يومي من اجل ان نعطي الفرصة لاجسادنا لكي ترتاح وتستريح عن طريق الاسترخاء، وتركناها عرضة للاجهاد المزمن، مثلها مثل الاطارات المطاطية والتي تعمل بشكل متواصل وفي حالة توتر شديد، فلاشك اننا سوف نعرضها لكثير من الاخطار اهمها اضعاف المناعة، وثانيها امكانية الاصابة بامراض مزمنة.
الاسترخاء كآلية للشفاء :
الاسترخاء هو ركيزة مهمة للشفاء الذاتي، لقد ثبت أن تقنيات مثل التأمل، والهدوء، والسلام الداخلي، والتدريب الذاتي اليومي على ذلك، تعمل من اجل اعادة تنظيم بنية الجسد، لهذا فإن بضع دقائق فقط تكفي لإحداث تأثير إيجابي ملحوظ.
وكتمرين لما سبق ذكره، تنفس لمدة ست ثوان ، ثم أخرج الهواء ببطء لمدة عشر ثوان إذا سمحت للهواء بالتدفق بهدوء لمدة خمس إلى عشر دقائق مرتين في اليوم ، يمكنك مواجهة التوتر بشكل فعال.
يمكنك أيضًا تقليل التوتر عن طريق تغيير تصورك لمعاني الحياة وتكون اكثر نضجا وتعرف كيف تتصرف في امور الدنيا، وتعرف كيف تدير شؤون حياتك بطريقة واعية خصوصا في المواقف التي تكون فيها الامور غير سارة،الكلمة الأساسية هنا هي اليقظة الذهنية والتي لها تأثير كبير في تعزيز الصحة.
تجنب الاشياء السلبية :
يجب ان نعلم ، ان جميع مشاكلنا تقريبًا موجودة فقط في رؤوسنا، نصطنعها بانفسها ، ونبني حياتنا تبعا لها، وأصل هاته الأفكار السيئة والسلبية مرده إلى تجارب ومعلومات سمعنا بها او مررنا بها في الماضي ومخاوف رسمناها تتعلق بشأن المستقبل، و حياتنا الحقيقية لا تحدث في المستقبل ، وبالتأكيد لا توجد في الماضي ، ولكن توجد في هذا المكان والآن.
لهذا فأفضل طريقة للاستعداد للعيش في المستقبل هي أن تعيش حياة واعية وصحية اليوم، والقيام بأفضل عمل يمكن فعله، إذا بذلت جهدًا اليوم ، فقد يأتي الغد كما تريده، وما دمت اخترت هذا الموضوع ، وهاته المقالات الموجودة في مدونتنا مدونة الريشة للتنمية البشرية، وصرت من متتبعيها الاعزاء، ومن قرائها الاوفياء، فلا شك انك قطعت اشواطا طويلة، ومعاناة كثيرة، تتعلق بسيرورة حياتك كلها، نحن هنا اذن لمساعدتك والوقوف الى جانبك حتى تجد الطريق الذي طالما انتظرته.
ادعوك عزيزي القارئ من هذا المنبر ان تجلب المزيد من الإيجابية إلى العالم عبر بيئتك الاجتماعية بأفكار وكلمات جيدة، وأن تقوم بإبعاد السلبية عن حياتك قدر المستطاع، اكتشف الأشخاص الذين لا يقومون بعمل جيد لك ، الذين دائمًا يتذمرون، و يتحدثون فقط عن مشاكلهم أو عن مشاكل الناس المحيطين بهم، أو عن مشاكل العالم بأسره، تجنب هؤلاء الأشخاص بقدر ما تستطيع وبدلاً من ذلك أحط نفسك بشخصيات إيجابية.
تعامل مع الكلمات والافكار الإيجابية، اكتبها واقرأها مرارًا وتكرارًا في الصباح و في المساء، في الحافلة في طريقك إلى العمل ، قل كلمات أو جمل إيجابية في عقلك واستخدم الصيغ الإيجابية بدلاً من الصيغ السلبية في لغتك من الآن فصاعدًا.
تصور مستقبلك وحياتك بشكل إيجابي، تخيل مستقبلك بأكبر قدر ممكن من الواقعية ، العبه في أحلام اليقظة وطور توقعات إيجابية.
اعمل على ثقتك بنفسك، عندها ستبقى إيجابيًا حتى لو خيبت معظم توقعاتك، وليكن فيك هدوءًا عميقًا ، وثق في أن المستقبل سيظل إيجابيًا ، وأنت أيضًا تنضح بهذا التفاؤل.
انظر الى المشاكل كتحدي، لذا حاول أن تتقن المواقف الصعبة في الحياة بأكثر المواقف الإيجابية الممكنة، قد لا يكون هذا ممكنًا دائمًا ، ولكن في كثير من الاحيان ستجد أنه في النهاية مجرد حبة رمل بدلاً من جبل.
ابدأ يومك بشكل إيجابي، الدقائق الأولى من اليوم لها تأثير كبير وحاسم على اليوم بأكمله ، عندما تستيقظ ، ركز بوعي على الأفكار والتوقعات الإيجابية فقط، يمكنك استخدام الأسئلة المقابلة التي قمت بكتابتها ووضعتها في ذهنك قبل ان تنام ، على سبيل المثال: "ما الذي أتطلع إليه غذا بشكل خاص؟" أو "ما الذي أشعر بالامتنان له اليوم الذي مضى؟".
حاول ان تتخلص من السموم العالقة في عالمك، وبين ثنايا روحك و نفسك اجعل لنفسك آلية على هذا النحو مثلا كيف يمكنني التعافي من الأشخاص أو التجارب أو الأخبار السلبية، وبناءا على ذلك ، يمكنك ممارسة التأمل أو الاستمتاع بالطبيعة بالمشي في الهواء الطلق أو بمقابلة الأصدقاء لقضاء امسية جميلة، على العموم انتبه لما هو جيد في حياتك وما يساعدك على التخلص من الأفكار السلبية وبناء هذه الأنشطة في حياتك اليومية مرة واحدة على الأقل يوميًا، و هكذا تكون قد وضعت لنفسك لبنة مهمة من لبنات التعافي والتشافي الذاتي.
الخيال وعملية للشفاء :
يتحدث الخبراء عن تأثير الدواء الوهمي، منذ زمن طويل كان هنا شك في تاثير على الدواء على الشفاء، لكن مع مرور الزمن وفي اطار الطب التكاملي وجد هذا الدواء ترحيبا كبيرا من لدن الاطباء والمتخصصين في هذا المجال، حيث ادركوا مدى فاعليته، خصوصا بعد كثير من التجارب التي قاموا بها على المرضى، حيث قوة خيال المرضى جعلت منه الشفاء في كثير من الاحيان نتيجة العلاقة الوطيدة بين العقل والجسد.